عندما غروب الشمس في آخر يوم دراسي قبل عطلة الشتاء، كان أيدن وزملاؤه في الصف الثامن من المدرسة الثانوية منهمكين في لعبة مافيا حامية. ولكن عندما مل أحد أصدقائه من اللعب وغادر، لم يستطع صديق أيدن إلا أن يعلق على مدى انخفاض قدرة أيدن على التركيز، ووصفه بأنه "شاب الشاشة". كان هذا اللحظة تذكيراً مؤثراً بمعنى أكبر: القلق المتزايد من أن الشباب يقضون وقتًا طويلاً في النظر إلى الشاشات ولا يكفون عن التفاعل مع العالم من حولهم.
الإحصائيات مخيفة. وفقاً لدراسة حديثة، يقضي الطفل الأمريكي العادي أكثر من 4.5 ساعات في اليوم على الشاشات، مع تقارير العديد من المراهقين بأنهم يشعرون بالقلق أو الانزعاج عندما لا يكونون على اتصال دائم مع أجهزتهم. أدى هذا الظاهرة إلى حركة متزايدة لتحديد وقت الشاشة وتشجيع الأطفال على وضع هواتفهم جانباً.
لكن هل من الممكن إيقاع الأطفال من هواتفهم للأبد؟ الجواب يكمن في مزيج من التكنولوجيا والتربية وإعادة التفكير في الطريقة التي ننظر بها إلى وقت الشاشة.
对于 أيدن وزملاؤه، وقت الشاشة هو نمط حياة. يقضون ساعات في التمرير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولعب الألعاب، ومراسلة أصدقائهم. ولكن كما لاحظ صديق أيدن، فإن هذا الاتصال المستمر يأتي على حساب. "الناس أقل احتمالاً لأن يستمتعوا بالحياة ويتفاعلوا مع الآخرين، ويفضلون التفاعل مع التكنولوجيا"، قال أيدن.
هذا الظاهرة ليس فريداً من نوعه لأيدن وأصدقائه. وفقاً لمسح حديث، 60% من المراهقين يشعرون بالقلق أو الإرهاق عندما لا يكونون على اتصال دائم مع أجهزتهم. هذا بعيد كل البعد عن أيام الطفولة السعيدة، عندما قضاء الأطفال ساعات في اللعب في الخارج واستكشاف العالم من حولهم.
فما الذي يسبب هذا الاتجاه؟ أحد العوامل الرئيسية هو صعود وسائل التواصل الاجتماعي. أنشأت منصات مثل إنستجرام وتيك توك ثقافة المقارنة والمنافسة المستمرة، حيث يشعر الأطفال بالضغط لتقديم شخصية مثالية على الإنترنت. يمكن أن يؤدي هذا إلى مشاعر القصور الذاتي وعدم كفاية الثقة بالنفس، بالإضافة إلى خوف عميق من الفقدان (FOMO).
لكن وسائل التواصل الاجتماعي هي مجرد قمة الجبل. القضية الحقيقية هي الطريقة التي يتم بها تصميم التكنولوجيا لتكون مدمنة. تستخدم تطبيقات مثل فيسبوك وإنستجرام الخوارزميات للاحتفاظ بالمستخدمين لمدة طويلة كما هو ممكن، باستخدام تقنيات مثل التمرير اللانهائي والإشعارات للاحتفاظ بالأطفال.
"مثل أنهم مدمنون لانفجار الدوبامين الذي يحصلون عليه من الإعجاب والتعليق على المنشورات"، قال الدكتور جان توينج، عالم نفس الذي درَس تأثير وقت الشاشة على المراهقين. "هم يبحثون دائماً عن التحقق والانتباه، وهم على استعداد للتضحية بصحتهم النفسية للحصول عليه".
فماذا يمكن للآباء أن يفعلوا لمساعدة أطفالهم على التحرر من قبضة التكنولوجيا؟ الجواب يكمن في مزيج من تحديد الحدود، وتشجيع النشاط البدني، ونمذجة السلوك الصحي.
تتمثل إحدى الطرق في استخدام التكنولوجيا لتحديد وقت الشاشة. تطبيقات مثل فريدم ومومنت تسمح للآباء بتحديد حدود زمنية على أجهزة أطفالهم، بالإضافة إلى تتبع وقت الشاشة وتقديم رؤى حول عادات استخدامهم.
تتمثل طريقة أخرى في تشجيع النشاط البدني. أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يقضون المزيد من الوقت في الخارج أقل احتمالاً لتطوير مشاكل صحية نفسية وأكثر احتمالاً لامتلاك مهارات اجتماعية قوية.
أخيراً، يحتاج الآباء إلى نمذجة السلوك الصحي بأنفسهم. هذا يعني وضع هواتفهم جانباً والتفاعل مع أطفالهم في العالم الحقيقي.
"ليس الأمر فقط عن أخذ الشاشات بعيداً، بل عن إنشاء ثقافة من الاتصال والمجتمع"، قال الدكتور توينج. "نحن بحاجة إلى أن نكون نماذج لأطفالنا ونريك لهم أن هناك المزيد من الحياة أكثر من مجرد النظر إلى الشاشة".
عندما يبدأ أيدن وأصدقاؤه السنة الجديدة، فإنهم يواجهون تحدياً صعباً: وضع هواتفهم جانباً والتفاعل مع العالم من حولهم. لن يكون الأمر سهلاً، ولكن مع الأدوات الصحيحة ورضا لاعادة التفكير في الطريقة التي ننظر بها إلى وقت الشاشة، من الممكن إنشاء علاقة أكثر صحة ومتوازنة بين الأطفال والتكنولوجيا.
في النهاية، ليس الأمر عن إيقاع الأطفال من هواتفهم للأبد، بل عن العثور على توازن بين العالمين الرقمي والمادي. من خلال تحديد الحدود، وتشجيع النشاط البدني، ونمذجة السلوك الصحي، يمكن للآباء مساعدة أطفالهم على تطوير علاقة أكثر صحة مع التكنولوجيا وارتباطاً أعمق بالعالم من حولهم.
Discussion
Join 0 others in the conversation
Share Your Thoughts
Your voice matters in this discussion
Login to join the conversation
No comments yet
Be the first to share your thoughts!